الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة «عزيز روحو» لسنية الشامخي: فـيـلـم مـتـفـائـل حـول الحـب وحـريـة الاخـتـيـار

نشر في  16 فيفري 2016  (12:38)

على وقع أنغام المزود المثيرة، دارت أحداث فيلم «عزيز روحو» للمخرجة سنية الشامخي والذي يعرض حاليا في قاعات السينما التونسية.. فيلم متفائل حول الحب وحرية الاختيار رغم إكراهات الحياة وحيفها... هكذا أرادت المخرجة سنية الشامخي لفيلمها الطويل الأوّل أن يكون: صاخبا ومثيرا وموجعا في آن واحد...

فمن خلال قصة الممثلة (عائشة بن أحمد) التي تعيش مشاكل نفسية بحكم تأزم علاقتها مع زوجها (جمال مداني)، وجنون والدتها (وسيلة داري)، ومثليّة شقيقها (غانم الزرلي)، تطرح المخرجة مجموعة من المواضيع الاجتماعية المسكوت عنها ومنها بالخصوص موضوع المثليّة الجنسية الذي تجرمه القوانين بينما يشكل المثليون فئة من مجتمعنا لايمكن أن ننكر وجودها.

ولئن كانت التيمات التي تعرض لها الفيلم متعارفا عليها في كل المجتمعات، فإنّ سنية الشامخي طبعتها بروح تونسية محضة وذلك بالاعتماد على مشاهد مميزة للمجتمع التونسي على غرار مشهد حفل توديع العزوبيّة الذي رقص فيه الحضور تحت «الكرمة» على أنغام صالح الفرزيط، أو مشهد الجنازة التي صُوّرت في مقبرة المهدية أو السهرة الراقصة التي شهدها أحد الملاهي الليلية... بهذه «الرموز» المعبرة، شحنت سنية الشامخي فيلمها لتقول شيئا من خصوصيتنا التونسية التي تجمع بين جمال الحياة ودراماتيكيتها...

وفي هذا السياق، صورت سنية الشامخي مفارقة «فرحة الحياة» و«قتامة الموت»، فالبطل مهدي سلطان (غانم الزرلي) ظلّ يرمز طوال الفيلم الى الفنّ والحرية وحب الحياة قبل أن يترصده عشيقه بالقتل في لحظة مريعة شكلت نقطة ذروة الفيلم...

 ومن المشاهد التي استوقفتنا أيضا في فيلم «عزيز روحو» تلك التي قدمت فيها المخرجة ثنائيات مؤثرة كالثنائية التي التقت فيها فاطمة بن سعيدان بـ«المجنونة» وسيلة داري، والتي فاضت انسانية، أو الثنائية التي جمعت غانم الزرلي بزياد التواتي، أو الديو الآخر الذي تحدثت فيه عائشة بن أحمد مع فاطمة بن سعيدان على حافة الشاطئ..

وبطريقة فيها الكثير من الرّقة، حيّت المخرجة سنية الشامخي «الفنّ»، الفنّ الذي يمنحنا السعادة حتى لو غابت عن واقعنا، الفنّ الذي يفتح طريق الحلم ولو انعدم من ثنايانا، الفنّ الذي يُشعل فتيل الحياة عنفوانا وأملا. ففي العمل المسرحي الذي قدمته البطلة عائشة بن أحمد في نهاية الشريط اجتمع السلفي بالمثلي، والتقدمي بالمحافظ، والمسنّ بالشاب، لتقول الشامخي إنّ الفنّ هو المخرج من كل المشاكل، هو «الحياة الثانية» التي يمكن أن تقينا شر «الحياة الأولى».. 

في فيلم «عزيز روحو» عرّت سنية الشامخي عددا من القضايا المجتمعية بعين يملؤها التفاؤل والفرح. فتغادر قاعة العرض وإيقاع المزود الصاخب يتملك حواسك، وشيء من الفرح يتسلل الى كيانك... فعلى الأرض التونسية ما يستحق الحياة رغم أوجاع الذات والوطن..

شيراز بن مراد